كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ويدل هذا التوجيه الطويل، المنوّع الإيحاءات، على ما كانت تعانيه الجماعة المسلمة حينذاك من كيد أهل الكتاب ودسهم في الصف المسلم؛ وما كان يحدثه هذا الدس من بلبلة. كما أنه يشي بحاجة الجماعة إلى التوجيه القوي، كي يتم لها التميز الكامل، والمفاصلة الحاسمة، من كافة العلاقات التي كانت تربطها بالجاهلية وبأصدقاء الجاهلية!
ثم يبقى هذا التوجيه يعمل في أجيال هذه الأمة، ويبقى كل جيل مطالبًا بالحذر من أعداء الإسلام التقليديين. وهم هم تختلف وسائلهم، ولكنهم لا يختلفون!
{كل الطعام كان حلًا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين فمن افترى على الله الكذب من بعد ذلك فأولئك هم الظالمون}.
لقد كان اليهود يتصيدون كل حجة، وكل شبهة، وكل حيلة، لينفذوا منها إلى الطعن في صحة الرسالة المحمدية، وإلى بلبلة الأفكار وإشاعة الاضطراب في العقول والقلوب.. فلما قال القرآن: أنه مصدق لما في التوراة برزوا يقولون: فما بال القرآن يحلل من الأطعمة ما حرم على بني إسرائيل؟ وتذكر الروايات أنهم ذكروا بالذات لحوم الإبل وألبأنها.. وهي محرمة على بني إسرائيل. وهناك محرمات أخرى كذلك أحلها الله للمسلمين.
وهنا يردهم القرآن إلى الحقيقة التاريخية التي يتجاهلونها للتشكيك في صحة ما جاء في القرآن من أنه مصدق للتوراة، وأنه مع هذا أحل للمسلمين بعض ما كان محرمًا على بني إسرائيل.. هذه الحقيقة هي أن كل الطعام كان حلًا لبني إسرائيل- إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة- وإسرائيل هو يعقوب عليه السلام وتقول الروايات أنه مرض مرضًا شديدًا، فنذر لله لئن عافاه ليمتنعن- تطوعًا- عن لحوم الإبل وألبأنها وكانت أحب شيء إلى نفسه. فقبل الله منه نذره.
وجرت سنة بني إسرائيل على اتباع أبيهم في تحريم ما حرم.. كذلك حرم الله على بني إسرائيل مطاعم أخرى عقوبة لهم على معصيات ارتكبوها. وأشير إلى هذه المحرمات في آية الأنعام: {وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إلا ما حملت ظهورهما أو الحوايا أو ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون} وكانت قبل هذا التحريم حلالًا لبني إسرائيل.
يردهم الله سبحانه إلى هذه الحقيقة، ليبين أن الأصل في هذه المطاعم هو الحل، وأنها إنما حرمت عليهم لملابسات خاصة بهم. فإذا أحلها للمسلمين فهذا هو الأصل الذي لا يثير الاعتراض، ولا الشك في صحة هذا القرآن، وهذه الشريعة الإلهية الأخيرة.
ويتحداهم أن يرجعوا إلى التوراة، وأن يأتوا بها ليقرأوها، وسيجدون فيها أن أسباب التحريم خاصة بهم، وليست عامة.
{قل فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين}.
ثم يهدد من يفتري الكذب منهم على الله بأنه إذن ظالم، لا ينصف الحقيقة، ولا ينصف نفسه، ولا ينصف الناس. وعقاب الظالم معروف، فيكفي أن يوصموا بهذه الوصمة، ليتقرر نوع العذاب الذي ينتظرهم. وهم يفترون الكذب على الله. وهم إليه راجعون..
كذلك كان اليهود يبدئون ويعيدون في مسألة تحويل القبلة إلى الكعبة، بعد أن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس حتى الشهر السادس عشر أو السابع عشر من الهجرة.. ومع أن هذا الموضوع قد نوقش مناقشة كاملة وافية في سورة البقرة من قبل، وتبين أن اتخاذ الكعبة قبلة للمسلمين هو الأصل وهو الأولى، وأن اتخاذ بيت المقدس هذه الفترة كان لحكمة معينة بينها الله في حينها.. مع هذا فقد ظل اليهود يبدئون في هذا الموضوع ويعيدون، ابتغاء البلبلة والتشكيك واللبس للحق الواضح الصريح- على مثال ما يصنع اليوم أعداء هذا الدين بكل موضوع من موضوعات هذا الدين! وهنا يرد الله عليهم كيدهم ببيان جديد.
{قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركًا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنًا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
ولعل الإشارة هنا في قوله: {قل صدق الله} تعني ما سبق تقريره في هذا الأمر، من أن هذا البيت بناه إبراهيم وإسماعيل ليكون مثابة للناس وأمنًا، وليكون للمؤمنين بدينه قبلة ومصلى: ومن ثم يجيء الأمر باتباع إبراهيم في ملته. وهي التوحيد الخالص المبرأ من الشرك في كل صورة: {فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفًا وما كان من المشركين}.
واليهود كانوا يزعمون أنهم هم ورثة إبراهيم. فها هو ذا القرآن يدلهم على حقيقة دين إبراهيم؛ وأنه الميل عن كل شرك.
ويؤكد هذه الحقيقة مرتين: مرة بأنه كان حنيفًا. ومرة بأنه ما كان من المشركين. فما بالهم هم مشركين!!
ثم يقرر أن الاتجاه للكعبة هو الأصل. فهي أول بيت وضع في الأرض للعبادة وخصص لها، مذ أمر الله إبراهيم أن يرفع قواعده.. وأن يخصصه للطائفين والعاكفين والركع السجود. وجعله مباركًا وجعله هدى للعالمين، يجدون عنده الهدى بدين الله ملة إبراهيم. وفيه علامات بينة على أنه مقام إبراهيم. (ويقال: إن المقصود هو الحجر الأثري الذي كان إبراهيم عليه السلام يقف عليه في أثناء البناء. وكان ملصقًا بالكعبة فأخره عنها الخليفة الراشد عمر رضي الله عنه حتى لا يشوش الذين يطوفون به على المصلين عنده. وقد أمر المسلمون أن يتخذوه مصلى بقوله تعالى: {واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى}..).
ويذكر من فضائل هذا البيت أن من دخله كان آمنًا. فهو مثابة الأمن لكل خائف. وليس هذا لمكان آخر في الأرض. وقد بقي هكذا مذ بناه إبراهيم وإسماعيل. وحتى في جاهلية العرب، وفي الفترة التي انحرفوا فيها عن دين إبراهيم، وعن التوحيد الخالص الذي يمثله هذا الدين.. حتى في هذه الفترة بقيت حرمة هذا البيت سارية، كما قال الحسن البصري وغيره: كان الرجل يقتل فيضع في عنقه صوفة، ويدخل الحرم، فيلقاه ابن المقتول، فلا يهيجه حتى يخرج.. وكان هذا من تكريم الله سبحانه لبيته هذا، حتى والناس من حوله في جاهلية! وقال سبحانه يمتن على العرب به: {أو لم يروا أنا جعلنا حرمًا آمنًا ويتخطف الناس من حولهم} وحتى أنه من جملة تحريم الكعبة حرمة اصطياد صيدها وتنفيره عن أوكاره، وحرمة قطع شجرها.. وفي الصحيحين- واللفظ لمسلم- عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة: «إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات والأرض، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة. وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا في ساعة من نهار. فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه، ولا ينفر صيده، ولا تلتقط لقطته إلا من عرفها، ولا يختلى خلاه...» إلخ.
فهذا هو البيت الذي اختاره الله للمسلمين قبلة.. هو بيت الله الذي جعل له هذه الكرامة. وهو أول بيت أقيم في الأرض للعبادة. وهو بيت أبيهم إبراهيم، وفيه شواهد على بناء إبراهيم له. والإسلام هو ملة إبراهيم. فبيته هو أولى بيت بأن يتجه إليه المسلمون. وهو مثابة الأمان في الأرض. وفيه هدى للناس، بما أنه مثابة هذا الدين.
ثم يقرر أن الله فرض على الناس أن يحجوا إلى هذا البيت ما تيسر لهم ذلك.
وإلا فهو الكفر الذي لا يضر الله شيئًا: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين}.
ويلفت النظر- في التعبير- هذا التعميم الشامل في فرضية الحج: {على الناس}.. ففيه أولًا إيحاء بأن هذا الحج مكتوب على هؤلاء اليهود الذين يجادلون في توجه المسلمين إليه في الصلاة. على حين أنهم هم أنفسهم مطالبون من الله بالحج إلى هذا البيت والتوجه إليه، بوصفه بيت أبيهم إبراهيم، وبوصفه أول بيت وضع للناس للعبادة. فهم- اليهود- المنحرفون المقصرون العاصون! وفيه ثانيًا إيحاء بأن الناس جميعًا مطالبون بالإقرار بهذا الدين، وتأدية فرائضه وشعائره، والاتجاه والحج إلى بيت الله الذي يتوجه إليه المؤمنون به.. هذا وإلا فهو الكفر. مهما ادعى المدعون أنهم على دين! والله غني عن العالمين. فما به من حاجة سبحانه إلى إيمانهم وحجهم. إنما هي مصلحتهم وفلاحهم بالإيمان والعبادة..
والحج فريضة في العمر مرة، عند أول ما تتوافر الاستطاعة. من الصحة وإمكان السفر وأمن الطريق.. ووقت فرضها مختلف فيه. فالذين يعتمدون رواية أن هذه الآيات نزلت في عام الوفود- في السنة التاسعة- يرون أن الحج فرض في هذه السنة. ويستدلون على هذا بأن حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت فقط بعد هذا التاريخ.. وقد قلنا عند الكلام على مسألة تحويل القبلة في الجزء الثاني من الظلال: إن حجة الرسول صلى الله عليه وسلم لا دليل فيها على تأخر فرضية الحج. فقد تكون لملابسات معينة. منها أن المشركين كانوا يطوفون بالبيت عرايا، ما يزالون يفعلون هذا بعد فتح مكة. فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخالطهم، حتى نزلت سورة براءة في العام التاسع، وحرم على المشركين الطواف بالبيت.. ثم حج صلى الله عليه وسلم حجته في العام الذي يليه.. ومن ثم فقد تكون فرضية الحج سابقة على ذلك التاريخ، ويكون نزول هذه الآية في الفترة الأولى من الهجرة بعد غزوة أحد أو حواليها.
وقد تقررت هذه الفريضة على كل حال بهذا النص القاطع، الذي يجعل لله سبحانه حق حج البيت على {الناس} من استطاع إليه سبيلا.
والحج مؤتمر المسلمين السنوي العام. يتلاقون فيه عند البيت الذي صدرت لهم الدعوة منه. والذي بدأت منه الملة الحنيفية على يد أبيهم إبراهيم. والذي جعله الله أول بيت في الأرض لعبادته خالصًا. فهو تجمع له مغزاه، وله ذكرياته هذه، التي تطوف كلها حول المعنى الكريم، الذي يصل الناس بخالقهم العظيم.. معنى العقيدة. استجابة الروح لله الذي من نفخة روحه صار الإنسان إنسانًا.
وهو المعنى الذي يليق بالأناسي أن يتجمعوا عليه، وأن يتوافدوا كل عام إلى المكان المقدس الذي انبعث منه النداء للتجمع على هذا المعنى الكريم..
بعد هذا البيان يلقن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتجه إلى أهل الكتاب بالتنديد والتهديد، على موقفهم من الحق الذي يعلمونه، ثم يصدون عنه، ويكفرون بآيات الله. وهم شهداء على صحتها، وهم من صدقها على يقين: {قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله والله شهيد على ما تعملون قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجًا وأنتم شهداء وما الله بغافل عما تعملون}.
وقد تكرر مثل هذا التنديد في هذه السورة، وفي سور غيرها كثيرة. وأول ما يتركه هذا التنديد من أثر هو مجابهته أهل الكتاب بحقيقة موقفهم، ووصفهم بصفتهم، التي يدارونها بمظهر الإيمان والتدين، بينما هم في حقيقتهم كفار. فهم يكفرون بآيات الله القرآنية. ومن يكفر بشيء من كتاب الله فقد كفر بالكتاب كله. ولو أنهم آمنوا بالنصيب الذي معهم لآمنوا بكل رسول جاء من عند الله بعد رسولهم. فحقيقة الدين واحدة. من عرفها عرف أن كل ما يجيء به الرسل من بعد حق، وأوجب على نفسه الإسلام لله على أيديهم.. وهي حقيقة من شأنها أن تهزهم وأن تخوفهم عاقبة ما هم فيه.
ثم إن المخدوعين من الجماعة المسلمة بكون هؤلاء الناس أهل كتاب، يسقط هذا الخداع عنهم، وهم يرون الله سبحانه يعلن حقيقة أهل الكتاب هؤلاء، ويدمغهم بالكفر الكامل الصريح. فلا تبقى بعد هذا ريبة لمستريب.
وهو سبحانه يهددهم بما يخلع القلوب: {والله شهيد على ما تعملون}..
{وما الله بغافل عما تعملون}.
وهو تهديد رعيب، حين يحس إنسان أن الله يشهد عمله. وأنه ليس بغافل عنه. بينما عمله هو الكفر والخداع والإفساد والتضليل!
ويسجل الله تعالى عليهم معرفتهم بالحق الذي يكفرون به، ويصدون الناس عنه: {وأنتم شهداء}.
مما يجزم بأنهم كانوا على يقين من صدق ما يكذبون به، ومن صلاح ما يصدون الناس عنه. وهو أمر بشع مستنكر، لا يستحق فاعله ثقة ولا صحبة، ولا يستأهل إلا الاحتقار والتنديد!
ولابد من وقفة أمام وصفة تعالى لهؤلاء القوم بقوله: {لم تصدون عن سبيل الله من آمن تبغونها عوجًا}.
إنها لفتة ذات مغزى كبير.. إن سبيل الله هو الطريق المستقيم. وما عداه عوج غير مستقيم. وحين يصد الناس عن سبيل الله؛ وحين يصد المؤمنون عن منهج الله، فإن الأمور كلها تفقد استقامتها، والموازين كلها تفقد سلامتها، ولا يكون في الأرض إلا العوج الذي لا يستقيم.
إنه الفساد. فساد الفطرة بانحرافها. وفساد الحياة باعوجاجها.. وهذا الفساد هو حصيلة صد الناس عن سبيل الله، وصد المؤمنين عن منهج الله.
وهو فساد في التصور. وفساد في الضمير. وفساد في الخلق. وفساد في السلوك. وفساد في الروابط. وفساد في المعاملات. وفساد في كل ما بين الناس بعضهم وبعض من ارتباطات. وما بينهم وبين الكون الذي يعيشون فيه من أواصر.. وإما أن يستقيم الناس على منهج الله فهي الاستقامة والصلاح والخير، وإما أن ينحرفوا عنه إلى أية وجهة فهو العوج والفساد والشر. وليس هنالك إلا هاتان الحالتان، تتعاوران حياة بني الإنسان: استقامة على منهج الله فهو الخير والصلاح، وانحراف عن هذا المنهج فهو الشر والفساد!
وحين يصل السياق إلى هذا الحد ينهي الجدل مع أهل الكتاب، ويغفل شأنهم كله. ويتجه إلى الجماعة المسلمة بالخطاب، والتحذير؛ والتنبيه والتوجيه. وبيان خصائص الجماعة المسلمة وقواعد منهجها وتصورها وحياتها؛ وطبيعة وسائلها لتحقيق المنهج الذي ناطه الله بها: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقًا من الذين أوتوا الكتاب يردوكم بعد إيمانكم كافرين وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله ومن يعتصم بالله فقد هدي إلى صراط مستقيم}.
لقد جاءت هذه الأمة المسلمة لتنشئ في الأرض طريقها على منهج الله وحده، متميزة متفردة ظاهرة. لقد انبثق وجودها ابتداء من منهج الله؛ لتؤدي في حياة البشر دورًا خاصًا لا ينهض به سواها. لقد وجدت لإقرار منهج الله في الأرض، وتحقيقه في صورة عملية، ذات معالم منظورة، تترجم فيها النصوص إلى حركات وأعمال، ومشاعر وأخلاق، وأوضاع وارتباطات.
وهي لا تحقق غاية وجودها، ولا تستقيم على طريقها، ولا تنشئ في الأرض هذه الصورة الوضيئة الفريدة من الحياة الواقعية الخاصة المتميزة، إلا إذا تلقت من الله وحده، وإلا إذا تولت قيادة البشرية بما تتلقاه من الله وحده. قيادة البشرية.. لا التلقي من أحد من البشر، ولا اتباع أحد من البشر، ولا طاعة أحد من البشر.. إما هذا وإما الكفر والضلال والانحراف..
هذا ما يؤكده القرآن ويكرره في شتى المناسبات. وهذا ما يقيم عليه مشاعر الجماعة المسلمة وأفكارها وأخلاقها كلما سنحت الفرصة.. وهنا موضع من هذه المواضع، مناسبته هي المناظرة مع أهل الكتاب، ومواجهة كيدهم وتآمرهم على الجماعة المسلمة في المدينة.. ولكنه ليس محدودًا بحدود هذه المناسبة، فهو التوجيه الدائم لهذه الأمة، في كل جيل من أجيالها، لأنه هو قاعدة حياتها، بل قاعدة وجودها.